غير سلوكياتك يتغير العالم من حولك
اذا ما أردت أن تغير العالم فعليك أولا أن تغير سلوكك
قيادة الآخرين تتطلب قيادة السلوك الذاتي أولا ...
ما هو السلوك ؟؟؟ واي مستوى من التغيير مطلوب ؟؟؟:
يعرف علماء النفس السلوك بأنه ” أي نشاط ( عقلي معرفي أو جسمي أو اجتماعي أو انفعالي ) يصدر عن الكائن الحي سواء كان داخليا في شكل دوافع وانفعالات ومهارات وعمليات معرفية أو خارجيا يشمل السلوك الظاهر تجاه الآخرين نتيجة لعلاقة دينامية ، وتفاعل بينه وبين البيئة المحيطة به“ ...
وطبقا للتعريف أعلاه فأن السلوك يشمل القدرات العقلية ( عمليات التفكير) ، العمليات الانفعالية
( المشاعر والعواطف ) وكذلك الأفعال والعادات ( النشاطات الظاهرة ) ..
قالوا "غير افكارك تتغير حياتك " !!! وهذه العبارة صحيحة تماما الا انها لاتمثل الصورة الكاملة لأن الإنسان لا يمكن أن يؤخذ مجزأ بل لا بد من التعامل مع النفس والذات ككتلة واحدة والتي تتألف من الفكر والوجدان والجسد فكل واحد من هذه الأجزاء يؤثر في الأخر ويكمل دوره ولا يمكن الفصل بينهما حيث يؤكد احد المختصين ((إن الرؤية العلمية غير المتوازنة للحياة العقلية الخالية من المشاعر والانفعالات ، قد بدأت تتغير تدريجيا خلال السنوات الأولى من عقد السبعينات ، حيث تم تناول الفرد كوحدة واحدة من تفاعل كل من أفكاره ومشاعره وانفعالاته وسلوكياته ، على اعتبار إن كلا منها يؤثر في الآخر ، وان العلاقة بينهما هي علاقة تأثير متبادل ، حيث يؤثر تفكير الفرد في مشاعره ، كما تؤثر المشاعر والانفعالات في عملية التفكير..)) فضلا عن تأثير الجسد على التفكير والوجدان وعن تأثير كلا من الفكر والوجدان في حالة الجسد ...
والله سبحانه وتعالى قد أقرن الإيمان بالعمل الصالح فلا إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان ، فلا بد من تصديق عقلي وقلبي ووجداني مقرون ببذل الجهد والوسع والنشاط لحيازة صفة المؤمنين و بالتالي نيل الحسنى في الدنيا والآخرة ...
قال تعالى (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، و رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول " الدين المعاملة "
وهكذا فأن شرط التغير أن يكون كاملا متكاملا على المستويات الثلاثة العقلي ( المعرفي ) ، الوجداني (الانفعالي ) ، الأفعال (النشاطات الظاهرة )... ومن يغير في مستوى واحد دون المستويات الاخرى فان ذلك سيؤدي به الى الصراع الداخلي وبالتالي بروز ما يسمى بالعقد النفسية !
يؤكد علماء النفس أن (( الشئ الوحيد الذي تستطيع تغييره في هذا العالم هو نفسك ، وأن فعلت ذلك
ستكون قد أحدثت تغييرا في العالم كله .. )) لان الشئ الوحيد الذي تمتلكه في هذا العالم و يقع تحت سيطرتك ومسؤوليتك المباشرة وستسأل عنه وتحاسب عليه هو نفسك التي بين جنبيك ، انها ذاتك التي ان احدثت فيها التغير الحقيقي فأنك تكون قد صنعت تغيرا في هذا الوجود ....
يقول احد العلماء : اذا عرف الانسان نفسه والعلم الذي يناسبه وقام به على اكمل وجه وجد لذة النجاح ومتعة الانتصار.
ان التغير والارتقاء في المستويات الثلاث ( المعرفية والوجدانية والجسمانية ) تتطلب ثلاثة اساليب رئيسية :
علاجية : تطبيب واصلاح ما موجود من خلل (فكل انسان أعرف بخفايا وأسرار نفسه الايجابية والسلبية ... وبالتالي كل منا يصلح ان يكون طبيب ذاته ، يطبب ويصلح مايراه بحاجة الى اصلاح وتغير ... بشرط وجود نية وارادة حقيقية للتغيير والتعديل بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى ( فأذا عزمت فتوكل على الله).
وقائية : مراقبة مستمرة للذات وتسجيل كل ما يدور ويحدث ومنع السلبيات من التغلغل الى سلوكنا ...
ارتقائية : التنمية والتطوير المستمر للذات والانشغال بالايجابيات وعلى كافة الاصعدة . يعرف الخبراء التنمية بأنها المداومة على تنمية واكتساب أي معلومة أو معتقد أو سلوك أو مهارة تجعل الإنسان يشعر بالرضا والسلام الداخلي وتعينه على التركيز على أهدافه في الحياة وتمكنه من تحقيقها وتعدّه وتجهزه للتعامل مع أي عائق يمنعه من ذلك .
التفكير وسمو الهدف والغاية ...
(( ان الشخصية تعتبر قوية ، إذا ارتبطت عناصرها واتجهت لغرض واحد في الحياة . فأن هذا الترابط والتوحيد في عناصر الشخصية وأغراضها ، يسمى تكامل الشخصية ، والتكامل هنا شبيه بالتكامل الرياضي لان التكامل في العلوم الرياضية هو التوحيد بين عدد كبير من العناصر الصغيرة لتكون وحدة كبيرة ))
يقول علماء النفس الاجتماعي " ومما لاريب أن أفضل اسلوب تربوي لاعلاء الدوافع هو ربط سلوك الانسان بأهداف عليا للحياة الانسانية ، وتذكير الناس دائما بهذه الاهداف كلما انحرفوا عنها ، أو حطت بهم شهوات الجسد عن التوجه اليها ، وبذلك تصطبغ حياة الانسان بهذه الاهداف وتتوجه الدوافع كلها في سبيل تحقيقها ، وهذا ما يحقق رقيا وسموا وتصعيدا دائما " ...
اخي الحبيب : تذكر ان الغاية العظمى للمسلمين نيل رضوان الله تعالى ولا تتحقق هذه الغاية الا بالسعي الى تحقيق خلافة الله عز وجل في الارض ولن تتحقق الخلافة ما لم يكن لكل مؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم غاية خاصة على المستوى الشخصي يسعى لتحقيقها وتحقق بمجموع الغايات الفردية الخلافة العظمى لهذا الدين ( والله تعالى اعلم )..
الانفعال وزمام المبادرة...
هل تستطيع أن تقرأ انفعالاتك ومشاعرك وأحاسيسك بدقة !
ان ادراك الشئ يعتبر الخطوة الرئيسية في طريق التغيير والاصلاح ...
فكن منتبها وواعيا بانفعالاتك واحاسيسك وراقبها اولا بأول ولا تدعها تتغلب عليك ، بل كن يقضا على الدوام فلا تسمح لها بمسك زمام المبادرة وقيادة تصرفاتك وتوجهاتك بل اجعل من انفعالاتك الاداة السليمة لتحقيق طموحاتك وأهدافك ...
امنع اي انفعال غير مرغوب فيه من ان يكبر ويتسع وبالتالي يسطر على تفكيرك ووجدانك ويصدر نتيجة لذلك سلوك فعلي غير مرغوب فيه ومن ثم تؤدي هذه العملية الى سلسلة من الافكار والمشاعر والسلوكيات السلبية ومن ثم العيش في حلقة من السلبيات .. غير او امنع الافكار المرتبطة بتلك الانفعالات من ان تتغلل الى نفسك وعقلك الباطن فتستطيع السيطرة على الموقف...
عندما تجد ان انفعالاتك واحاسيسك غير منطقية وغير مبررة فتش عن الاسباب وعالجها و يجب ان تأخذ عهدا على نفسك لاجل التغير والتصحيح من خلال المسك بزمام الامور وتكون لك سلطة عليا على انفعالاتك والتحكم فيها بدل أن تتحكم فيك ...
وان لبدنك عليك حقا ...
ان البدن وعاء الذات ولايمكن النهوض وقيادة الذات دون الاعتناء بالجسد لذا :
مارس شئ من الرياضة بشكل منتظم وداوم عليها فأن في ذلك فائدة كبيرة للجسم والعقل . (وابتدأ بالتدريج) ، فقد اثبتت الدراسات العلمية أن النشاط البدني وممارسة الرياضة ممكن أن تزيد الذكاء وتعزز عوامل التفكير خاصة لدى الشباب.
راقب نوعية الطعام الذي تتناوله فلا تكثر من اكلات الوجبات السريعة وابتعد عن المنبهات والمشروبات الغازية واعتمد على ماهو طبيعي وذو قيمة غذائية عالية ( ممكن عمل قائمة بالاكلات ذات القيمة الغذائية العالية ) ، فأن لنوع الطعام وكميته اثرا على المزاج والتفكير قال تعالى ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا) .
ابتعد عن السلوكيات التي تسبب الضعف والوهن كالتدخين ،ادمان مشاهدة التلفاز أو النت ، الاكل والنوم الكثير والانغماس بالعمل والانشغال عن بقية متطلبات الحياة ...الخ.
يد الله مع الجماعة ...
و لكي تؤتي عملية التغيير والتطوير أكلها وثمارها لابد من العيش والانتماء الى جماعة ، ثلة ، مجتمع ،، يجتمعون على هدف او أهداف مشتركة ، يتكاتف جميع أفراده ويتناصحون ويتعاهدون على التغير والتطور ويكون أحدهم مراة الاخر لان ( المؤمن مراة اخيه ).. فتكون لهم لقاءات واجتماعات ومؤتمرات دورية مقسمة على الفترة الزمنية المتفق عليها لانجاز مشروع التغيير . فأن البحوث العلمية تثبت ان من انجح الوسائل لتحقيق تقدم او نجاح فيما يخص تغير افكار وتوجهات وتصورات او سلوكيات الافراد هي استخدام نظام المجموعات يكون افراده يشتركون في صفات واهداف او توجهات متقاربة . وان للمناقشة الجماعية أهمية خاصة في اتخاذ القرارات الجماعية لما ذلك من أهمية في تغير الاتجاهات ، ويصدق هذا ابتداء من جماعة الاسرة عبر المنظمات الاجتماعية الى المؤسسات الحكومية الى المنظمات العالمية .
اخي الحبيب : استعن بالله تعالى ولا تعجز وكن رقما صعبا في هذا الوجود .. وتذكر ان الجبال من الحصى !!!